وَلَقَدْ
اَرْسَلْنَاۤ
اِلٰۤی
اُمَمٍ
مِّنْ
قَبْلِكَ
فَاَخَذْنٰهُمْ
بِالْبَاْسَآءِ
وَالضَّرَّآءِ
لَعَلَّهُمْ
یَتَضَرَّعُوْنَ
۟
3

القول في تأويل قوله : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: = متوعدًا لهؤلاء العادلين به الأصنامَ = ومحذِّرَهم أن يسلك بهم إن هم تمادَوا في ضلالهم سبيلَ من سلك سبيلهم من الأمم قبلهم، في تعجيل الله عقوبته لهم في الدنيا = ومخبرًا نبيَّه عن سنته في الذين خلوا قبلهم من الأمم على منهاجهم في تكذيب الرسل = : " لقد أرسلنا "، يا محمد،" إلى أمم "، يعني: إلى جماعات وقرون (29) =" من قبلك فأخذناهم بالبأساء "، يقول: فأمرناهم ونهيناهم, فكذبوا رسلنا، وخالفوا أمرنا ونهينا, فامتحناهم بالابتلاء =" بالبأساء ", وهي شدة الفقر والضيق في المعيشة (30) =" والضراء "، وهي الأسقام والعلل العارضة في الأجسام. (31)

* * *

وقد بينا ذلك بشواهده ووجوه إعرابه في" سورة البقرة "، بما أغني عن إعادته في هذا الموضع. (32)

* * *

وقوله: " لعلهم يتضرعون " يقول: فعلنا ذلك بهم ليتضرعوا إليّ, ويخلصوا لي العبادة, ويُفْردوا رغبتهم إليَّ دون غيري، بالتذلل منهم لي بالطاعة، والاستكانة منهم إليّ بالإنابة.

* * *

وفي الكلام محذوفٌ قد استغني بما دلّ عليه الظاهرمن إظهاره دون قوله: (33) " ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم "، وإنما كان سبب أخذه إياهم، تكذيبهم الرسل وخلافهم أمرَه = لا إرسال الرسل إليهم. وإذ كان ذلك كذلك, فمعلوم أن معنى الكلام: " ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك " رسلا فكذبوهم," فأخذناهم بالبأساء ".

* * *

و " التضرع ": هو " التفعل " من " الضراعة ", وهي الذلة والاستكانة.

--------------------

الهوامش :

(29) انظر تفسير"أمة" فيما سلف ص: 344 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.

(30) انظر تفسير"البأساء فيما سلف 3: 349 - 252/ 4: 288.

(31) انظر تفسير"الضراء" فيما سلف 3: 349 - 352/4 : 288/7 : 214.

(32) انظر المراجع كلها في التعليقين السالفين.

(33) في المطبوعة: "بما دل عليه الظاهر عن إظهاره من قوله" ، غير ما في المخطوطة ، وأثبت في المخطوطة بنصه ، وإن كنت أخشى أن يكون سقط من الناسخ كلام.