رَفِیْعُ
الدَّرَجٰتِ
ذُو
الْعَرْشِ ۚ
یُلْقِی
الرُّوْحَ
مِنْ
اَمْرِهٖ
عَلٰی
مَنْ
یَّشَآءُ
مِنْ
عِبَادِهٖ
لِیُنْذِرَ
یَوْمَ
التَّلَاقِ
۟ۙ
ثم يذكر - سبحانه - بعد ذلك من صفاته العظمى ، ما يزيد المؤمنين فى إخلاص العبادة له ، فيقول : ( رَفِيعُ الدرجات ذُو العرش . . ) أى : هو - تعالى - وحده صاحب الرفعة والمقام العالى ، وهو وحده صاحب العرش العظيم ، الذى لا يعلم مقدار عظمته إلا هو . .قال الآلوسى قوله : ( رَفِيعُ الدرجات ) رفيع صفة مشبهة أضيفت إلى فاعلها من رُفِعَ الشئ إذا علا . . والدرجات : مصاعد الملائكة إلى أن يبلغوا العرش ، أى : رفيع درجات ملائكته ومعارجهم إلى عرشه . . ويجوز أن يكون كناية عن رفعة شأنه وسلطانه - عز شأنه - كما أن قوله - تعالى - : ( ذُو العرش ) كناية عن ملكه - جل جلاله - .والمراد بالروح فى قوله - تعالى - : ( يُلْقِي الروح مِنْ أَمْرِهِ على مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ ) : الوحى الذى يوحى به على أنبيائه ، وأمين هذا الوحى جبريل - عليه السلام - .أى : هو وحده - سبحانه - الذى يلقى الوحى . حالة كون هذا الوحى ناشئا من أمره وقضائه على من يختاره لهذا الإِلقاء من عباده الصالحين . فقوله ( مِنْ أَمْرِهِ ) متعلق بمحذوف حال من الروح .وسمى الوحى روحا ، لأن الأرواح تحيا به ، كما أن الأجساد تحيا بالغذاء .وقوله - تعالى - : ( لِيُنذِرَ يَوْمَ التلاق ) بيان للوظيفة الخاصة بمن يختاره - سبحانه - من عباده لإِلقاء الوحى عليه .والإِنذار : الإِعلام المقترن بالتخويف والتحذير ، فكل إنذار إعلام ، وليس كل إعلام إنذاراً .والمراد بيوم التلاق : يوم القيامة ، وسمى بيوم التلاق لأنه يتلاقى فيه الأولون والآخرون والمؤمنون والكافرون ، والظالمون والمظلومون . . الكل يتلاقى فى ساحة المحشر ليقضى الله - تعالى - فيهم بقضائه العادل .أى : يلقى - سبحانه - بوحيه على أنبيائه ، لينذروا الناس ويحذروهم من سوء العذاب يوم القيامة ، إذا ما استمروا فى كفرهم وعصيانهم لخالقهم .