قَالَ
لَنْ
اُرْسِلَهٗ
مَعَكُمْ
حَتّٰی
تُؤْتُوْنِ
مَوْثِقًا
مِّنَ
اللّٰهِ
لَتَاْتُنَّنِیْ
بِهٖۤ
اِلَّاۤ
اَنْ
یُّحَاطَ
بِكُمْ ۚ
فَلَمَّاۤ
اٰتَوْهُ
مَوْثِقَهُمْ
قَالَ
اللّٰهُ
عَلٰی
مَا
نَقُوْلُ
وَكِیْلٌ
۟
3
ولكن يعقوب - عليه السلام - مع كل هذا التحريض والإِلحاح ، لم يستجب لهم إلا على كره منه ، واشترط لهذه الاستجابة ما حكاه القرآن فى قوله :( لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حتى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ الله لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ) .والموثق : العهد الموثق باليمين ، وجمعه مواثيق .أى : قال يعقوب - عليه السلام - لهم : والله لن أرسل معكم " بنيامين " إلى مصر ، حتى تحلفوا لى بالله ، بأن تقولوا : والله لنأتينك به عند عودتنا ، ولن نتخلى عن ذلك ، ( إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ) أى : إلا أن نهلك جميعاً ، أو أن نغلب عليه بما هو فوق طاقتنا .يقولون : أحيط بفلان إذا هلك أو قارب الهلاك ، وأصله من إحاطة العدو بالشخص ، واستعمل فى الهلاك ، لأن من أحاط به العدو يهلك غالباً .وسمى الحلف بالله - تعالى - موثقاً ، لأنه مما تؤكد به العهود وتقوى وقد أذن الله - تعالى - بذلك عند وجود ما يقتضى الحلف به - سبحانه - .وقوله : ( لَتَأْتُنَّنِي بِهِ ) جواب لقسم محذوف والاستثناء فى قوله ( إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ ) مفرغ من أعم الأحوال ، والتقدير : لن أرسله معكم حتى تحلفوا بالله وتقولوا : والله لنأتينك به معنا عند عودتنا ، فى جميع الأحوال والظروف إلا فى حال هلاككم أو فى حال عجزكم التام عن مدافعة أمر حال بينكم وبين الإِتيان به معكم .وقوله ( فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ ) أى : فلما أعطى الأبناء أباهم العهد الموثق باليمين بأن أقسموا له بأن يأتوا بأخيهم معهم عند عودتهم من مصر ." قال " لهم على سبيل التأكيد والحض على وجوب الوفاء : الله - تعالى - على ما نقول أنا وأنتم وكيل ، أى : مطلع ورقيب ، وسيجازى الأوفياء خيراً ، وسيجازى الناقضين لعهودهم بما يستحقو من عقاب .قال ابن كثير : " وإنما فعل ذلك ، لأنه لم يجد بداً من بعثهم لأجل الميرة التى لا غنى لهم عنها فبعثه معهم " .