فَلَمَّا
رَجَعُوْۤا
اِلٰۤی
اَبِیْهِمْ
قَالُوْا
یٰۤاَبَانَا
مُنِعَ
مِنَّا
الْكَیْلُ
فَاَرْسِلْ
مَعَنَاۤ
اَخَانَا
نَكْتَلْ
وَاِنَّا
لَهٗ
لَحٰفِظُوْنَ
۟
3
لقد حكت لنا السورة الكريمة ما دار بين إخوة يوسف وبين أبيهم من محاروات طلبوا خلالها منه أن يأذن لهم فى اصطحاب " بنيامين " معهم فى رحلتهم القادمة إلى مصر ، كما حكت ما رد به أبوهم عليهم . قال - تعالى - :( فَلَمَّا رَجِعُوا إلى أَبِيهِمْ قَالُواْ . . . )قوله - سبحانه - : ( فَلَمَّا رَجِعُوا إلى أَبِيهِمْ قَالُواْ ياأبانا مُنِعَ مِنَّا الكيل فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ . . . ) حكاية لما قاله إخوة يوسف لأبيهم قور التقائهم به .والمراد بالكيل : الطعام المطيل الذى هم فى حاجة إليه .والمراد بمنعه : الحيلولة بينهم وبينه فى المستقبل ، لأن رجوعهم بالطعام قرينة على ذلك .والآية الكريمة معطوفة على كلام محذوف ، يدرك من السياق والتقدير : ترك إخوة يوسف مصر ، وعادوا إلى بلادهم ، بعد أن وعدوه بتنفيذ ما طلبه منهم ، فلما وصلوا إلى بلادهم ، ودخلوا على أبيهم قالوا له بدون تمهل .( ياأبانا ) لقد حكم عزيز مصر بعدم بيع أى طعام لنا بعد هذه المرة إذا لم نأخذ معنا أخانا " بنيامين " ليراه عند عودتنا إليه؛ فقد قال لنا مهدداً عند مغادرتنا له : ( فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ ) .وأنت تعلم أننا لا بد من عودتنا إليه ، لجلب احتياجاتنا من الطعام وغيره ، فنرجوك أن توافقنا على اصطحاب " بنيامين " معنا ( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) حفظاً تاماً من أن يصيبه مكروه .والآية الكريمة واضحة لدلالة على أن قولهم هذا لأبيهم ، كان بمجرد رجوعهم إليه ، وكان قبل أن يفتحوا متاعهم ليعرفوا ما بداخله . . .وكأنهم فعلوا ذلك ليشعروه بأن إرسال بنيامين معهم عند سفرهم إلى مصر ، أمر على أكبر جانب من الأهمية ، وأن عدم إرساله سيترتب عليه منع الطعام عنهم .وقرأ حمزة والكسائى : ( فأرسل معنا أخانا يكتل ) - بالياء - أى : فأرسله معنا ليأخذ نصيبه من الطعام المكال ، لأن عزيز مصر طعاماً لمن كان غائباً .وعلى كلا القراءتين فالفعل مجزوم فى جواب الطلب .وقالوا له ( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) بالجملة الإِسمية ، لتأكيد حفظهم له : وأن ذلك أمر ثابت عندهم ثبوتاً لا مناص منه .