هُوَ
الَّذِیْ
یُرِیْكُمْ
اٰیٰتِهٖ
وَیُنَزِّلُ
لَكُمْ
مِّنَ
السَّمَآءِ
رِزْقًا ؕ
وَمَا
یَتَذَكَّرُ
اِلَّا
مَنْ
یُّنِیْبُ
۟
۳
ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك ما يدل على فضله ورحمته بعباده ، وعلى وحدانيته وكمال قدرته ، وعلى أن يوم القيامة آت لا ريب فيه ، وعلى أن كل نفس ستجازى فى هذا اليوم بما كسبت بدون ظلم أو محاباة ، لأن القضاء فيه لله الواحد القهار . فقال - تعالى - :( هُوَ الذي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ . . . )المقصود بآياته - عز وجل - فى قوله : ( هُوَ الذي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ . . . ) الدلائل الدالة على وحدانيته وقدرته ، كخلقه للشمس والقمر والليل والنهار ، والبحار والأنهار ، والسماء والأرض ، والمطر والرعد ، والنجوم والرياح ، والأشجار الكبيرة والصغيرة . . إلى غير ذلك من آياته التى لا تحصى فى هذا الوجود . .أى : هو - سبحانه - الذى يريكم آياته الدالة على وحدانيته وقدرته ، لتزدادوا - أيها المؤمنون - إيمانا على إيمانكم ، وثباتا على ثباتكم ، ويقينا على يقينكم ، بأن المستحق للعبادة والطاعة هو الله الواحد القهار .وقد ساق - سبحانه - فى كتابه عشرات الآيات الدالة على وحدانيته وقدرته ، ومن ذلك قوله - تعالى - : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيَاتٍ لأُوْلِي الألباب ) وقوله عز وجل : ( وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بالليل والنهار وابتغآؤكم مِّن فَضْلِهِ . . ) وقوله - تعالى - : ( إِنَّ فِي اختلاف الليل والنهار وَمَا خَلَقَ الله فِي السماوات والأرض لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ ) والمراد بالرزق فى قوله : ( وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السمآء رِزْقاً ) . . الأمطار التى تنزل من السماء على الأرض ، فتحييها بعد موتها ، بأن تحولها من أرض جدباء يابسة ، إلى أرض خضراء بشتى الزروع والثمار .وأطلق - سبحانه - على المطر رزقا . لأنه سبب فيه ، وأفرده بالذكر مع كونه من جملة الآيات التى يريها - تعالى - لعباده لتفرده بعنوان كونه من آثار رحمته ، وجلائل نعمه ، الموجبة لشكره - عز وجل - ، ولوجوب إخلاص العبادة له .وقوله - تعالى - : ( وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ ) بيان لمن هو أهل للانتفاع بهذه الآيات .أى : وما يتذكر وينتفع بهذه الآيات إلا من يرجع عن المعصية إلى الطاعة وعن الكفر إلى الإِيمان ، وعن العناد والجحود ، إلى التفكر والتدبر بقلب سليم .فقوله ( يُنِيبُ ) من الإِنابة ، ومعناها الرجوع عن الكفر والمعاصى : إلى الإِيمان والطاعة .