قَالَ
هَلْ
اٰمَنُكُمْ
عَلَیْهِ
اِلَّا
كَمَاۤ
اَمِنْتُكُمْ
عَلٰۤی
اَخِیْهِ
مِنْ
قَبْلُ ؕ
فَاللّٰهُ
خَیْرٌ
حٰفِظًا ۪
وَّهُوَ
اَرْحَمُ
الرّٰحِمِیْنَ
۟
۳
ولكن يبدو أن قولهم هذا قد حرك كوامن الأحزان والآلام فى نفس يعقوب ، فهم الذين سبق أن قالوا له فى شأن يوسف - أيضاً - ( أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) لذا نجده يرد عليهم فى استنكار وألم بقوله : ( قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ على أَخِيهِ مِن قَبْلُ . . . ) .أى : قال يعقوب لأولاده بعد أن طلبوا منه بإلحاح إرسال أخيهم معهم ، وبعد أن تعهدوا بحفظه : أتريدون أن أأتمنكم على ابنى " بنيامين " كما أئتمنتكم على شقيقه يوسف من قبل هذا الوقت ، فكانت النتيجة التى تعرفونها جمعاً ، وهى فراق يوسف لى فراقاً لا يعلم مداه إلا الله - تعالى -؟!! لا ، إننى لا أثق بوعودكم بعد الذى حدث منكم معى فى شأن يوسف . فالاستفهام فى قوله ( هَلْ آمَنُكُمْ . . . ) للإِنكار والنفى .وقوله ( فالله خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الراحمين ) تفريع على استنكاره لطلبهم إرسال " بنيامين " معهم ، وتصريح منه لهم بأن حفظ الله - تعالى - خير من حفظهم .أى : إننى لا أثق بوعودكم لى بعد الذى حدث منكم بالنسبة ليوسف ، وإنما أثق بحفظ الله ورعايته ( فالله ) - تعالى - ( خَيْرٌ حَافِظاً ) لمن يشاء حظفه ، فمن حفظه سلم ، ومن لم يحفظه لم يسلم ، كما لم يسلم أخوه يوسف من قبل حين ائتمنتكم عليه " وهو " - سبحانه - ( أَرْحَمُ الراحمين ) لخلقه ، فأرجو أن يشملنى برحمته ، ولا يفجعنى فى " بنيامين " ، كما فجعت فى شقيقه يوسف من قبل .ويبدو أن الأبناء قد اقتنعوا برد أبيهم عليهم ، واشتموا من هذا الرد إمكان إرساله معهم ، لذا لم يراجعوه مرة أخرى .قال الآلوسى ما ملخصه : " وهذا - أى رد يعقوب عليهم - ميل منه - عليه السلام - إلى الإذن والإِرسال لما رأى فيه من المصلحة ، وفيه أيضاً من التوكل على الله - تعالى ما لا يخفى ، ولذا روى أن الله - تعالى - قال : " وعزتى وجلالى لأردهما عليك إذ توكلت على . . . " وقرأ أكثر السبعة ( فالله خير حفظا . . . ) وقرأ حمزة والكسائى وحفص ( حَافِظاً . . . ) وعلى القراءتين فهو منصوب على أنه تمييز . . . "