وَقَالَ
لِفِتْیٰنِهِ
اجْعَلُوْا
بِضَاعَتَهُمْ
فِیْ
رِحَالِهِمْ
لَعَلَّهُمْ
یَعْرِفُوْنَهَاۤ
اِذَا
انْقَلَبُوْۤا
اِلٰۤی
اَهْلِهِمْ
لَعَلَّهُمْ
یَرْجِعُوْنَ
۟
۳
ثم بين - سبحانه - ما فعله يوسف مع إخوته وهم على وشك الرحيل فقالك ( وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجعلوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) .والفتيان : جمع فتى والمراد بهم هنا من يقومون بخدمته ومساعدته فى عمله .والبضاعة فى الأصل : القطعة الوفيرة من الأموال التى تققنى للتجارة ، مأخوذة من البضع بمعنى القطع .والمراد بها هنا : أثمان الطعام الذى أعطاه لهم يوسف - عليه السلام - .والرحال : جمع رحل ، وهو ما يوضع على البعير من متاع الراكب .والمعنى : وقال يوسف - عليه السلام - لفتيانه الذين يقومون بتلبية مطالبه : أعيدوا إلى رحال هؤلاء القوم - وهم إخوته - الأثمان التى دفعوها لنا فى مقابل ما أخذوه منا من طعام ، وافعلوا ذلك دون أن يشعروا بكم ، لعل هؤلاء القوم عندما يعودون إلى بلادهم ، ويفتحون أمتعتهم ، فيجدون فيها الأثمان التى دفعوها لنا فى مقابل ما أخذوه من طعام غيره .لعلهم حينئذ يرجعون إلينا مرة أخرى ، ليدفعوها لنا فى مقابل ما أخذوه .وكأن يوسف - عليه السلام - أراد بفعله هذا حملهم على الرجوع إليه ومعهم " بنيامين " لأن من شأن النفوس الكبيرة أن تقابل الإِحسان بالإِحسان وأن تأنف من أخذ المبيع دون أن تدفع لصاحبه ثمنه .وقوله ( لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمْ ) تعليل لأمره فتيانه يجعل البضاعة فى رحال إخوته .إذ أن معرفتهم بأن بضاعتهم قد ردت إليهم لا يتم إلا بعد انقلابهم - أى رجوعهم - إلى أهلهم ، وبعد تفريغها عندهم .وقوله ( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) جواب للأمر . أى : اجعلوها كذلك ، لعلهم بعد اكتشافهم أنهم ما دفعوا لنا ثمن ما أخذوه ، يرجعون إلينا ليدفعوا لنا حقنا .وإلى هنا تكون السورة الكريمة قد حدثتنا عما دار بين يوسف وإخوته بعد أن دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ، وبعد أن طلب منهم بقوة أن يعودوا إليه ومعهم أخوهم لأبيهم . . . فماذا كان بعد ذلك؟