وَّبُسَّتِ
الْجِبَالُ
بَسًّا
۟ۙ

وقوله: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) يقول تعالى ذكره: فتتت الجبال فتا، فصارت كالدقيق المبسوس، وهو المبلول، كما قال جلّ ثناؤه: وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلا والبسيسة عند العرب: الدقيق والسويق تلتّ وتتخذ زادا.

وذُكر عن لصّ من غطفان أنه أراد أن يخبز، فخاف أن يعجل عن الخبز قبل الدقيق وأكله عجينا، وقال:

لا تَخْــبِزَا خَــبْزًا وبُسَّــا بَسَّــا

مَلْســـا بِــذَوْدِ الحَلَسِــيّ مَلْســا (2)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) يقول: فتتت فتا.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: فتتت.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: كما يبس السويق.

حدثني أحمد بن عمرو البصري، قال: ثنا حفص بن عمر العدني، عن الحكم بن أبان، عن عكرِمة ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: فُتَّتْ فتا.

حدثني إسماعيل بن موسى ابن بنت السديّ، قال: أخبرنا بشر بن الحكم الأحمسيّ، عن سعيد بن الصلت، عن إسماعيل السديّ وأبي صالح ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: فُتِّتت فتا.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: كما يبس السويق.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: صارت كثيبا مهيلا كما قال الله.

حدثنا ابن حُميَد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: فُتتت فتا.

------------------------

الهوامش:

(2) هذا الشاهد من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 174 - ب ) عند قوله تعالى : ( وبست الجبال بسا ) قال : مجازها كمجاز السويق المبسوس، أي المبلول والعجين . قال لص من غطفان وأراد أن يخبز، فخاف أن يعجل عن الخبز قبل الدقيق، فأكله عجينا، فقال: " لا تخبزا خبزا وبسا بسا ". ا هـ . وفي ( اللسان : ملس ) : والملس: السوق الشديد. وفي بس: وقال ثعلب : معنى: وبست الجبال بسا : خلطت بالتراب . وقال بعضهم :فتت، وقال بعضهم: سويت . ا هـ. ولم يورد أبو عبيدة البيت الثاني وأنشد صاحب اللسان البيت الأول، وجاء بعده ببيت آخر، وهو: * ولا تطيــلا بمنــاخ حيســا *

وأنشد في "ملس" البيت الثاني قال: والملس : السوق الشديد . يقال ملست بالإِبل أملس ( من باب قتل ) ملسا: إذا سقتها سوقا في خفية، قال الراجز : * ملســا يـذود الحلسـي ملسـا *

وقال ابن الأعرابي الملس : ضرب من السير الرقيق . والملس : اللين من كل شيء . ا هـ.

وأنشده الفراء في معاني القرآن البيتين كرواية المؤلف. وقال ( الورقة 322 ): " وبست الجبال بسا " : صارت كالدقيق،وذلك قوله " وسيرت الجبال " . وسمعت العرب تنشد : "لا تخبزا خبزا ... البيتين " . والبسيسة عندهم : الدقيق أو السويق، يليت ويتخذ زادا . ا هـ. وفي النوادر لأبي زيد ( بيروت 11 ) :

مَلْســا بِــذَوْدِ الحُمَسِــيَّ مَلْســا

مِــنْ غَنْـوَةٍ حـتى كَـانَّ الشَّمْسـا

*بالأُفُقِ الغَــرْبِيّ تُطْـلَى وَرْسَـا *

قال أبو زيد : الملس : السير الشديد . قال أبو حاتم : وأقول أنا لا عن أبي زيد: الملس السير السريع السهل . وقوله " تطلى ورسا قد اصفرت للغروب " . ا هـ .