اِنَّ
الَّذِیْنَ
كَفَرُوْا
یُنَادَوْنَ
لَمَقْتُ
اللّٰهِ
اَكْبَرُ
مِنْ
مَّقْتِكُمْ
اَنْفُسَكُمْ
اِذْ
تُدْعَوْنَ
اِلَی
الْاِیْمَانِ
فَتَكْفُرُوْنَ
۟
وكعادة القرآن الكريم فى قرن الترغيب بالترهيب أو العكس : جاء الحديث بعد ذلك عن الكافرين . مبينا انقطاعهم عن كل من يشفع لهم ، أو يدعو لهم بخير - كما دعا الملائكة للمؤمنين - فقال - تعالى - :( إِنَّ الذين كَفَرُواْ . . . ) .المقت أشد أنواع البغض والغضب . يقال : مقته مقتا ، إذا غضب عليه غضبا شديدا ، ومنه قوله - تعالى - ( وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النسآء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً ) والمنادى لهؤلاء الكافرين : هم الملائكة خزنة النار ، أو المؤمنون . وهذا النداء إنما يكون يوم القيامة ، يوم توفى كل نفس ما كسبت .أى : إن الذين كفروا بعد أن أحاطت بهم النار ، وبعد أن عادوا على أنفسهم بأشد ألوان الندامة والحسرة والمقت . لإيثارها الكفر على الإِيمان .بعد كل ذلك ( يُنَادَوْنَ ) بأن يقال لهم : إن مقت الله - تعالى - لكم بسبب إصراركم على الكفر حتى هلكتم . . أشد وأعظم من مقتكم لأنفسكم مهما بلغ مقتكم لها وكراهيتكم لها .قال الآلوسى ما ملخصه : قوله ( يُنَادَوْنَ ) المنادى لهم الخزنة أو المؤمنون يقولون إعظاما لحسرتهم : ( لَمَقْتُ الله أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ ) وهذا معمول للنداء لتضمنه معنى القول ، كأنه قيل : ينادون مقولا لهم : لمقت . . ومقت مصدر مضاف إلى الاسم الجليل : إضافة المصدر لفاعله ، وكذا إضافة المقت الثانى إلى ضمير الخطاب . .وقوله - سبحانه - : ( إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإيمان فَتَكْفُرُونَ ) تعليل لمقت الله أى : لغضب الله - تعالى - عليكم ، أشد من غضبكم على أنفسكم الأمارة بالسوء وذلك لأنكم جاءتكم دعوة الحق على ألسنة رسلكم ، فأعرضتم عنها وصممتم على الكفر والفسوق والعصيان ، حتى أدرككم الموت ، وها أنتم اليوم تجزون ما كنتم تعملونه فى الدنيا .