اِرْجِعُوْۤا
اِلٰۤی
اَبِیْكُمْ
فَقُوْلُوْا
یٰۤاَبَانَاۤ
اِنَّ
ابْنَكَ
سَرَقَ ۚ
وَمَا
شَهِدْنَاۤ
اِلَّا
بِمَا
عَلِمْنَا
وَمَا
كُنَّا
لِلْغَیْبِ
حٰفِظِیْنَ
۟

القول في تأويل قوله تعالى : ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره، مخبرًا عن قيل روبيل لإخوته، حين أخذ يوسف أخاه بالصواع الذي استخرج من وعائه: ارجعوا، إخوتي، إلى أبيكم يعقوب فقولوا له يا أبانا إن ابنك بنيامين سرق) .

* * *

والقرأة على قراءة هذا الحرف بفتح السين والراء والتخفيف: (إن ابنك سرق) .

* * *

ورُوي عن ابن عباس: " إنَّ ابْنَكَ سُرِّقَ" بضم السين وتشديد الراء ، على وجه ما لم يسمَّ فاعله، بمعنى: أنه سَرَق ، (وما شهدنا إلا بما علمنا) .

* * *

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.

فقال بعضهم: معناه: وما قلنا إنه سرق إلا بظاهر علمنا بأن ذلك كذلك ، لأن صواع الملك أصيب في وعائه دون أوعية غيره.

*ذكر من قال ذلك:

19632 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: (ارجعوا إلى أبيكم) فإني ما كنت راجعًا حتى يأتيني أمرُه ، (فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا ) ، أي: قد وجدت السرقة في رحله ، ونحن ننظر لا علم لنا بالغيب ، (وما كنا للغيب حافظين).

* * *

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما شهدنا عند يوسف بأن السارق يؤخذ بسرقته إلا بما علمنا .

*ذكر من قال ذلك:

19633 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: قال لهم يعقوب عليه السلام: ما يدري هذا الرجل أن السارق يؤخذ بسرقته إلا بقولكم! فقالوا: (ما شهدنا إلا بما علمنا) ، لم نشهد أن السارق يؤخذ بسرقته إلا وذلك الذي علمنا. قال: وكان الحكم عند الأنبياء، يعقوب وبنيه أن يؤخذ السارق بسرقته عبدًا فيسترقّ.

* * *

وقوله: (وما كنا للغيب حافظين ) ، يقول: وما كنا نرى أن ابنك يسرق ويصير أمرنا إلى هذا ، وإنما قلنا وَنَحْفَظُ أَخَانَا مما لنا إلى حفظه منه السبيل .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

19634 - حدثنا الحسين بن الحريث أبو عمار المروزي. قال، حدثنا الفضل بن موسى ، عن الحسين بن واقد ، عن يزيد ، عن عكرمة: (وما كنا للغيب حافظين). قال: ما كنا نعلم أن ابنك يسرق. (11)

19635 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: (وما كنا للغيب حافظين) ، لم نشعر أنه سيسرق.

19636- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (وما كنا للغيب حافظين) قال: لم نشعر أنه سيسرق.

19637- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (وما كنا للغيب حافظين) قال: لم نشعر أنه سيسرق.

19638- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، وأبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة: (وما كنا للغيب حافظين) قال: ما كنا نظن ولا نشعر أنه سيسرق.

19639- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة: (وما كنا للغيب حافظين) قال: ما كنا نرى أنه سيسرق.

19640- حدثنا محمد بن عبد الأعلى. قال حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: (وما كنا للغيب حافظين) ، قال: ما كنا نظن أن ابنك يسرق.

* * *

قال أبو جعفر : وأولى التأويلين بالصواب عندنا في قوله: (وما شهدنا إلا بما علمنا) قولُ من قال: وما شهدنا بأن ابنك سرق إلا بما علمنا من رؤيتنا للصواع في وعائه ، لأنه عَقيِب قوله: (إن ابنك سرق) ؛ فهو بأن يكون خبرًا عن شهادتهم بذلك، أولى من أن يكون خبرًا عما هو منفصل.

* * *

وذكر أن " الغيب "، في لغة حمير، هو الليل بعينه . (12)

* * *

----------------------

الهوامش:

(2) ديوانه قصيدة : 7 ، بيت : 7 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 315 من أبيات يقولها لابنته بسرة ، يذكر طول عمره ، فيقول لها :

وَلَقَـدْ سَـئِمْتُ مـن الحَيَـاةِ وطُولِهَـا

وسُـؤَالِ هـذَا النَّـاسِ : كَـيْف لَبِيدُ ?

وَغَنِيـتُ سَـبْتًا قَبْـلَ مَجْـرَى دَاحِسٍ

لَــوْ كَــانَ للنِّفْسِ اللَّجُـوجِ خُـلُودُ

وَشَـــــــهِدْتُ.................

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

" مجرى داحس" ، هو الخبر المشهور عن داحس والغبراء وإجرائهما ، وكانت بسببه الحرب بين عبس وذبيان أربعين سنة ، وقوله :" سبتًا" ، أي : دهرًا .

و" الأفاقة" اسم موضع ، حيث كان اليوم المشهور بين لبيد ، والربيع بن زياد العبسي . و" أرداف الملوك" ، من" الردف" ، وهو الذي يكون مع الملك ، وينوب عنه إذا قام من مجلسه .

(3) هو الصلتان العبدي .

(4) شرح الحماسة 3 : 112 ، والشعر والشعراء : 479 ، والخزانة 1 : 308 ، وغيرها ، وهو من وصيته المشهورة التي أوصى بها ولده التي يقول فيها :

أَشَــابَ الصّغــيرَ وَأَفْنَـى الكَبـيرَ

كَـــرُّ الغَــدَاةِ وَمَــرُّ العَشِــي

ثم يقول له بعد البيت الشاهد :

وَسِــرُّكَ مَــا كَـانَ عِنْـدَ امْـريٍ

وَسِــرُّ الثَّلاَثَــةِ غَــيْرُ الخَــفِي

و" الحب" ( بكسر الخاء ) ، المكر ، و" الخب" ( بفتحها ) ، المكار .

(5) في المطبوعة والمخطوطة :" في العلم" ، ولم أجد ما أستوثق به من أن يكون الخبر في معنى الترجمة ، أعني مكان" في العلم" ،" في السن" .

(6) انظر تفسير" الموثق" فيما سلف ص : 163 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(7) زدت نص الآية ، وإن لم يكن ثابتًا في المخطوطة أو المطبوعة .

(8) في المطبوعة :" التي تكون صلة" ، ، وفي المخطوطة :" التي صلة" ، ورجحت ما أثبت

، و" الصلة" ، الزيادة ، انظر ما سلف من فهارس المصطلحات .

(9) في المطبوعة" تفريطكم في يوسف" ، والصواب ما أثبت ، لأن" ما" زائدة هنا .

(10) انظر تفسير" الحكم" فيما سلف من فهارس اللغة ( حكم ) .

(11) الأثر : 19634 -" الحسين بن الحريث" ،" أبو عمار المروزي" ، شيخ الطبري ، مضى برقم 11771 .

" الفضل بن موسى السيتاني" ، مضى أيضًا برقم : 11771 .

" الحسين بن واقد المروزي" ، مضى أيضًا برقم : 4810 ، 6311 ، 11771 ، وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا أيضًا" الحسن بن واقد" ، وهو خطأ بين ، كما أشرت إليه قبل .

(12) هذا معنى عزيز في تفسير" الغيب" ، لم أجده في شيء من كتب اللغة التي بين أيدينا .