قَالُوْا
یٰۤاَیُّهَا
الْعَزِیْزُ
اِنَّ
لَهٗۤ
اَبًا
شَیْخًا
كَبِیْرًا
فَخُذْ
اَحَدَنَا
مَكَانَهٗ ۚ
اِنَّا
نَرٰىكَ
مِنَ
الْمُحْسِنِیْنَ
۟
قوله تعالى : قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه خاطبوه باسم العزيز إذ كان في تلك اللحظة بعزل الأول أو موته . وقولهم : إن له أبا شيخا كبيرا أي كبير القدر ، ولم يريدوا كبر السن ; لأن ذلك معروف من حال الشيخ . فخذ أحدنا مكانه أي عبدا بدله ; وقد قيل : إن هذا مجاز ; لأنهم يعلمون أنه لا يصح أخذ حر يسترق بدل من قد أحكمت السنة عندهم رقه ; وإنما هذا كما تقول لمن تكره فعله : اقتلني ولا تفعل كذا وكذا ، وأنت لا تريد أن يقتلك ، ولكنك مبالغ في استنزاله . ويحتمل أن يكون قولهم : فخذ أحدنا مكانه حقيقة ; وبعيد عليهم وهم أنبياء أن يروا استرقاق حر ، فلم يبق إلا أن يريدوا بذلك طريق الحمالة ; أي خذ أحدنا مكانه . حتى ينصرف إليك صاحبك ; ومقصدهم بذلك أن يصل بنيامين إلى أبيه ; ويعرف يعقوب جلية الأمر ; فمنع يوسف - عليه السلام - من ذلك ، إذ الحمالة في [ ص: 210 ] الحدود ونحوها - بمعنى إحضار المضمون فقط - جائزة مع التراضي ، غير لازمة إذا أبى الطالب ; وأما الحمالة في مثل هذا على أن يلزم الحميل ما كان يلزم المضمون من عقوبة ، فلا يجوز إجماعا . وفي " الواضحة " : إن الحمالة في الوجه فقط في جميع الحدود جائزة ، إلا في النفس . وجمهور الفقهاء على جواز الكفالة في النفس . واختلف فيها عن الشافعي ; فمرة ضعفها ، ومرة أجازها .قوله تعالى : إنا نراك من المحسنين يحتمل أن يريدوا وصفه بما رأوا من إحسانه في جميع أفعاله معهم ، ويحتمل أن يريدوا : إنا نرى لك إحسانا علينا في هذه اليد إن أسديتها إلينا ; وهذا تأويل ابن إسحاق .