وَمِنْ
رَّحْمَتِهٖ
جَعَلَ
لَكُمُ
الَّیْلَ
وَالنَّهَارَ
لِتَسْكُنُوْا
فِیْهِ
وَلِتَبْتَغُوْا
مِنْ
فَضْلِهٖ
وَلَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُوْنَ
۟
٣
هذا امتنان من الله على عباده، يدعوهم به إلى شكره والقيام بعبوديته وحقه أنه جعل لهم من رحمته النهار ليبتغوا من فضل الله وينتشروا لطلب أرزاقهم ومعايشهم في ضيائه، والليل ليهدأوا فيه ويسكنوا، وتستريح أبدانهم وأنفسهم من تعب التصرف في النهار، فهذا من فضله ورحمته بعباده، فهل أحد  يقدر على شيء من ذلك؟ فلو جعل عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعونمواعظ الله وآياته سماع فهم وقبول وانقياد، ولو جعل عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون  : مواقع العبر ومواضع الآيات، فتستنير بصائركم، وتسلكون الطريق المستقيم، وقال في الليل: أفلا تسمعون وفي النهار أفلا تبصرون لأن سلطان السمع في الليل أبلغ من سلطان البصر، وعكسه النهار. وفي هذه الآيات تنبيه إلى أن العبد ينبغي له أن يتدبر نعم الله عليه، ويستبصر فيها، ويقيسها بحال عدمها، فإنه إذا وازن بين حالة وجودها، وبين حالة عدمها، تنبه عقله لموضع المنة، بخلاف من جرى مع العوائد، ورأى أن هذا أمر لم يزل مستمرا ولا يزال. وعمي قلبه عن الثناء على الله بنعمه، ورؤية افتقاره إليها في كل وقت، فإن هذا لا يحدث له فكرة شكر ولا ذكر.