وَلَقَدْ
رَاٰهُ
بِالْاُفُقِ
الْمُبِیْنِ
۟ۚ
3
وقوله - سبحانه - : ( وَلَقَدْ رَآهُ بالأفق المبين ) معطوف - أيضا - على قوله - تعالى - قبل ذلك : ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) فهو من جملة المقسم عليه .والمقصود بهذه الرؤية : رؤية النبى صلى الله عليه وسلم لجبريل - عليه السلام - لأول مرة ، على الهيئة التى خلقه الله عليها ، عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعبد فى غار حراء ، وكان صلى الله عليه وسلم قد سأل جبريل أن يريه نفسه ، على الهيئة التى خلقه الله - تعالى - عليها .والأفق : هو الفضاء الواسع الذى يبدو للعين ما بين السماء والأرض .والمبين : وصف للأفق ، أى : بالأفق الواضح البين ، الذى لا تشتبه معه المرئيات .والمعنى : ووالله لقد رأى صاحبكم محمد صلى الله عليه وسلم جبريل ، بصورته التى خلقه الله عليها ، بالأفق الواضح البين ، الذى لا تلتبس فيه المرئيات ، ولا مجال فيه للأوهام والتخيلات .والمقصود من الآية الكريمة الرد على المشركين الذين كانوا إذا أخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه رأى جبريل . كذبوه واستهزءوا به ، وتأكيد أن هذه الرؤية كانت حقيقة واقعة ، لا مجال معها للتشكيك أو اللبس .قال الإِمام ابن كثير : وقوله - تعالى - ( وَلَقَدْ رَآهُ بالأفق المبين ) يعنى : ولقد رأى محمد جبريل الذى يأتيه بالرسالة عن الله - عز وجل - وعلى الصورة التى خلقه الله عليها ، له ستمائه جناح ( بالأفق المبين ) أى : البين ، وهى الرؤية الأولى التى كانت بالبطحاء - أى بالمكان المجاور لغار حراء . وهى المذكورة فى قوله - تعالى - : ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ القوى . ذُو مِرَّةٍ فاستوى . وَهُوَ بالأفق الأعلى . ثُمَّ دَنَا فتدلى . فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أدنى . فأوحى إلى عَبْدِهِ مَآ أوحى . . . )