وَلَتَجِدَنَّهُمْ
اَحْرَصَ
النَّاسِ
عَلٰی
حَیٰوةٍ ۛۚ
وَمِنَ
الَّذِیْنَ
اَشْرَكُوْا ۛۚ
یَوَدُّ
اَحَدُهُمْ
لَوْ
یُعَمَّرُ
اَلْفَ
سَنَةٍ ۚ
وَمَا
هُوَ
بِمُزَحْزِحِهٖ
مِنَ
الْعَذَابِ
اَنْ
یُّعَمَّرَ ؕ
وَاللّٰهُ
بَصِیْرٌ
بِمَا
یَعْمَلُوْنَ
۟۠
قوله تعالى : ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملونقوله تعالى : ولتجدنهم أحرص الناس على حياة يعني اليهود . ومن الذين أشركوا قيل : المعنى وأحرص ، فحذف من الذين أشركوا لمعرفتهم بذنوبهم وألا خير لهم عند الله ، ومشركو العرب لا يعرفون إلا هذه الحياة ولا علم لهم من الآخرة ، ألا ترى قول شاعرهم [ هو امرؤ القيس ] :تمتع من الدنيا فإنك فان من النشوات والنساء الحسانوالضمير في أحدهم يعود في هذا القول على اليهود . وقيل : إن الكلام تم في حياة ثم استؤنف الإخبار عن طائفة من المشركين . قيل : هم المجوس ، وذلك بين في أدعياتهم للعاطس بلغاتهم بما معناه " عش ألف سنة " . وخص الألف بالذكر لأنها نهاية العقد في الحساب . وذهب الحسن إلى أن الذين أشركوا مشركو العرب ، خصوا بذلك لأنهم لا يؤمنون بالبعث ، فهم يتمنون طول العمر . وأصل سنة سنهة . وقيل : سنوة . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، والمعنى ولتجدنهم وطائفة من الذين أشركوا أحرص الناس على حياة .قوله تعالى : يود أحدهم لو يعمر ألف سنة أصل يود يودد ، أدغمت لئلا يجمع بين حرفين من جنس واحد متحركين ، وقلبت حركة الدال على الواو ، ليدل ذلك على أنه يفعل . وحكى الكسائي : وددت ، فيجوز على هذا يود بكسر الواو . ومعنى يود : يتمنى .قوله تعالى : وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر اختلف النحاة في هو ، فقيل : هو ضمير الأحد المتقدم ، التقدير ما أحدهم بمزحزحه ، وخبر الابتداء في المجرور . أن يعمر فاعل بمزحزح وقالت فرقة : هو ضمير التعمير ، والتقدير وما التعمير بمزحزحه ، والخبر في المجرور ، أن يعمر بدل من التعمير على هذا القول . وحكى الطبري عن فرقة أنها قالت : هو عماد .[ ص: 35 ] قلت : وفيه بعد ، فإن حق العماد أن يكون بين شيئين متلازمين ، مثل قوله : إن كان هذا هو الحق ، وقوله : ولكن كانوا هم الظالمين ونحو ذلك . وقيل : ما عاملة حجازية ، وهو اسمها ، والخبر في بمزحزحه . وقالت طائفة : هو ضمير الأمر والشأن . ابن عطية : وفيه بعد ، فإن المحفوظ عن النحاة أن يفسر بجملة سالمة من حرف جر . وقوله : بمزحزحه الزحزحة : الإبعاد والتنحية ، يقال : زحزحته أي باعدته فتزحزح أي تنحى وتباعد ، يكون لازما ومتعديا قال الشاعر في المتعدي :يا قابض الروح من نفس إذا احتضرت وغافر الذنب زحزحني عن الناروأنشده ذو الرمة :يا قابض الروح عن جسم عصى زمنا وغافر الذنب زحزحني عن الناروقال آخر في اللازم :خليلي ما بال الدجى لا يتزحزح وما بال ضوء الصبح لا يتوضحوروى النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من صام يوما في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار سبعين خريفا .قوله تعالى : والله بصير بما يعملون أي بما يعمل هؤلاء الذين يود أحدهم أن يعمر ألف سنة . ومن قرأ بالتاء فالتقدير عنده . قل لهم يا محمد الله بصير بما تعملون . وقال العلماء : وصف الله عز وجل نفسه بأنه بصير على معنى أنه عالم بخفيات الأمور . والبصير في كلام العرب : العالم بالشيء الخبير به ، ومنه قولهم : فلان بصير بالطب ، وبصير بالفقه ، وبصير بملاقاة الرجال ، قال :فإن تسألوني بالنساء فإنني بصير بأدواء النساء طبيبقال الخطابي : البصير العالم ، والبصير المبصر . وقيل : وصف تعالى نفسه بأنه بصير على معنى جاعل الأشياء المبصرة ذوات إبصار ، أي مدركة للمبصرات بما خلق لها من الآلة المدركة والقوة ، فالله بصير بعباده ، أي جاعل عباده مبصرين .