وَاِذْ
اَخَذْنَا
مِیْثَاقَكُمْ
وَرَفَعْنَا
فَوْقَكُمُ
الطُّوْرَ ؕ
خُذُوْا
مَاۤ
اٰتَیْنٰكُمْ
بِقُوَّةٍ
وَّاسْمَعُوْا ؕ
قَالُوْا
سَمِعْنَا
وَعَصَیْنَا ۗ
وَاُشْرِبُوْا
فِیْ
قُلُوْبِهِمُ
الْعِجْلَ
بِكُفْرِهِمْ ؕ
قُلْ
بِئْسَمَا
یَاْمُرُكُمْ
بِهٖۤ
اِیْمَانُكُمْ
اِنْ
كُنْتُمْ
مُّؤْمِنِیْنَ
۟
قوله تعالى : وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنينقوله تعالى : وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا تقدم الكلام في هذا . ومعنى اسمعوا أطيعوا ، وليس معناه الأمر بإدراك القول فقط ، وإنما المراد اعملوا بما سمعتم والتزموه ، ومنه قولهم : سمع الله لمن حمده ، أي قبل وأجاب . قال :دعوت الله حتى خفت ألا يكون الله يسمع ما أقولأي يقبل ، وقال الراجز :والسمع والطاعة والتسليم خير وأعفى لبني تميمقالوا سمعنا وعصينا اختلف هل صدر منهم هذا اللفظ حقيقة باللسان نطقا ، أو يكونون فعلوا فعلا قام مقام القول فيكون مجازا ، كما قال :امتلأ الحوض وقال قطني مهلا رويدا قد ملأت بطني[ ص: 32 ] وهذا احتجاج عليهم في قولهم : نؤمن بما أنزل علينا .قوله تعالى : وأشربوا في قلوبهم العجل أي حب العجل والمعنى : جعلت قلوبهم تشربه ، وهذا تشبيه ومجاز عبارة عن تمكن أمر العجل في قلوبهم . وفي الحديث : تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء . . . . الحديث ، خرجه مسلم . يقال أشرب قلبه حب كذا ، قال زهير :فصحوت عنها بعد حب داخل والحب تشربه فؤادك داءوإنما عبر عن حب العجل بالشرب دون الأكل لأن شرب الماء يتغلغل في الأعضاء حتى يصل إلى باطنها ، والطعام مجاور لها غير متغلغل فيها . وقد زاد على هذا المعنى أحد التابعين فقال في زوجته عثمة ، وكان عتب عليها في بعض الأمر فطلقها وكان محبا لها :تغلغل حب عثمة في فؤادي فباديه مع الخافي يسيرتغلغل حيث لم يبلغ شراب ولا حزن ولم يبلغ سرورأكاد إذا ذكرت العهد منها أطير لو ان إنسانا يطيروقال السدي وابن جريج : إن موسى عليه السلام برد العجل وذراه في الماء ، وقال لبني إسرائيل : اشربوا من ذلك الماء ، فشرب جميعهم ، فمن كان يحب العجل خرجت برادة الذهب على شفتيه . وروي أنه ما شربه أحد إلا جن ، حكاه القشيري .قلت : أما تذريته في البحر فقد دل عليه قوله تعالى : ثم لننسفنه في اليم نسفا ، وأما شرب الماء وظهور البرادة على الشفاه فيرده قوله تعالى : وأشربوا في قلوبهم العجل والله تعالى أعلم .قوله تعالى : قل بئسما يأمركم به إيمانكم أي إيمانكم الذي زعمتم في قولكم : نؤمن بما أنزل علينا . وقيل : إن هذا الكلام خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، أمر أن يوبخهم ، أي قل لهم يا محمد : بئس هذه الأشياء التي فعلتم وأمركم بها إيمانكم . وقد مضى الكلام في ( بئسما ) والحمد لله وحده .