وَدَاوٗدَ
وَسُلَیْمٰنَ
اِذْ
یَحْكُمٰنِ
فِی
الْحَرْثِ
اِذْ
نَفَشَتْ
فِیْهِ
غَنَمُ
الْقَوْمِ ۚ
وَكُنَّا
لِحُكْمِهِمْ
شٰهِدِیْنَ
۟ۗۙ
ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك جانبا من قصة نبيين كريمين هما داود وسليمان فقال - تعالى - : ( وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ . . . ) .قوله - سبحانه - : ( وَدَاوُودَ ) منصوب - أيضا - بفعل مقدر ، أو معطوف على قوله - سبحانه - قبل ذلك : ( وَنُوحاً إِذْ نَادَى ) .وسليمان هو ابن داود ، وكلاهما من أنبياء الله - سبحانه - ، وينتهى نسبهما إلى يعقوب - عليه السلام - وكانت وفاتهما قبل ميلاد المسيح - عليه السلام - بألف سنة تقريبا ، وقد جمع الله - تعالى - لهما بين الملك والنبوة .والحرث : الزرع . قيل : كان كرما - أى عنباً - تدلت عناقيده .وقوله : ( نَفَشَتْ ) من النفش وهو الرعى بالليل خاصة . يقال : نفشت الغنم والإبل ، إذا رعت ليلا بدون راع .وقد ذكر المفسرون عند تفسيرهم لهذه الآيات روايات ملخصها : أن رجلين دخلا على داود - عليه السلام - أحدهما صاحب زرع ، والآخر صاحب غنم ، فقال صاحب الزرع لداود : يا نبى الله ، إن غنم هذا قد نفشت فى حرثى فلم تبق منه شيئا ، فحكم داود - عليه السلام - لصاحب الزرع أن يأخذ غنم خصمه فى مقابل إتلافها لزرعه .وعند خروجهما التقيا بسليمان - عليه السلام - فأخبراه بحكم أبيه . فدخل سليمان على أبيه فقال له : يا نبى الله ، إن القضاء غير ما قضيت ، فقال له : كيف؟ قال : ادفع الغنم إلى صاحب الزرع لينتفع بها ، وادفع الزرع إلى صاحب الغنم ليقوم عليها حتى يعود كما كان . ثم يعيد كل منهما إلى صاحبه ما تحت يده ، فيأخذ صاحب الزرع زرعه ، وصاحب الغنم غنمه . . . فقال داود - عليه السلام - القضاء ما قضيت يا سليمان .والمعنى : اذكر - أيها الرسول الكريم - قصة داود وسليمان ، وقت أن كانا يحكمان فى الزرع الذى ( نفشت فيه غنم القوم ) أى : تفرقت فيه وانتشرت ليلا دون أن يكون معها راع فرعته وأفسدته .قال القرطبى : " ولم يرد - سبحانه - بقوله ( إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الحرث ) : الاجتماع فى الحكم وإن جمعهما فى القول ، فإن حكمين على حكم واحد لا يجوز وإنما حكم كل واحد منهما على انفراده ، وكان سليمان الفاهم لها بتفيهم الله - تعالى - له .وقوله - تعالى - : ( وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ) جملة معترضة جىء بها لبيان شمول عمل الله - تعالى - وإحاطته بكل شىء .أى : وكنا لما حكم به كل واحد منهما عالمين وحاضرين ، بحيث لا يغيب عنا شىء مما قالاه .وضمير الجمع فى قوله ( لِحُكْمِهِمْ ) : لداود وسليمان ، واستدل بذلك من قال إن أقل الجمع اثنان ، وقيل : ضمير الجمع يعود عليهما وعلى صاحب الزرع وصاحب الحرث أى : وكنا للحكم الواقع بين الجميع شاهدين .