اَمِ
اتَّخَذُوْۤا
اٰلِهَةً
مِّنَ
الْاَرْضِ
هُمْ
یُنْشِرُوْنَ
۟
3
وبعد أن بين - سبحانه - أن من مخلوقاته من يقوم بتسبيحه وعبادته بدون انقطاع أو فتور ، أتبع ذلك بتوبيخ المشركين وبإقامة الأدلة على وحدانيته ، واستحالة أن يكون هناك من يشاركه فى ألوهيته فقال - تعالى - : ( أَمِ اتخذوا آلِهَةً . . . ) .قال الإمام الرازى : اعلم أن الكلام من أول السورة إلى هنا كان فى النبوات وما يتصل بها من الكلام سؤالا وجوابا ، وأما هذه الآيات فإنها فى بيان التوحيد ونفى الأضداد والأنداد . . . " .والاستفهام فى قوله ( أَمِ اتخذوا ) . . . للإنكار والتوبيخ . وقوله : ( يُنشِرُونَ ) من النشر بمعنى الإحياء والبعث . يقال : أنشر الله - تعالى - الموتى : إذا بعثهم بعد موتهم .والمعنى : إن هؤلاء الضالين قد أشركوا مع الله - تعالى - آلهة أخرى فى العبادة ، فهل هذه الآلهة التى اتخذوها تستطيع أن تعيد الحياة إلى الأموات؟كلا إنها لا تستطيع ذلك بإقرارهم ومشاهدتهم ، وما دام الأمر كذلك فكيف أباحوا لأنفسهم أن يتخذوا آلهة لا تستيطع أن تفعل شيئا من ذلك أو من غيره؟إن اتخاذهم هذا لمن أكبر الأدلة وأوضحها على جهالاتهم وسفاهاتهم وسوء تفكيرهم .قال صاحب الكشاف ما ملخصه : فإن قلت : كيف أنكر عليهم اتخاذ آلهة تنشر . وما كانوا يدّعون ذلك لآلهتهم ، لأنهم كانوا ينكرون البعث أصلا ويقولون : من يحيى العظام وهى رميم؟ قلت : الأمر كما ذكرت ولكنهم بادعائهم لها الإلهية ، يلزمهم أن يدعوا لها الإنشار ، لأنه لا يستحق هذا الاسم إلا القادر على كل مقدور ، والإنشار من جملة المقدورات . وفيه باب من التهكم بهم ، والتوبيخ والتجهيل ، وإشعار بأن ما استبعدوه من الله - تعالى - لا يصح استبعاده ، لأن الإلهية لما صحت صح معها الاقتدار على الإبداء والإعادة .وقوله - سبحانه - ( مِّنَ الأرض ) متعلق باتخذوا ، و " من " ابتدائية ، أى : اتخذوها من أجزاء الأرض كالحجارة وما يشبهها ، ويجوز أن يكون الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة للآلهة ، أى : اتخذوا آلهة كائنة من الأرض . . . . وعلى كلا التقديرين فالمراد بهذا التعبير التحقير والتجهيل .