یَّتَجَرَّعُهٗ
وَلَا
یَكَادُ
یُسِیْغُهٗ
وَیَاْتِیْهِ
الْمَوْتُ
مِنْ
كُلِّ
مَكَانٍ
وَّمَا
هُوَ
بِمَیِّتٍ ؕ
وَمِنْ
وَّرَآىِٕهٖ
عَذَابٌ
غَلِیْظٌ
۟
وقوله ( يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ . . ) بيان لحالة هذا الجبار العنيد عند تعاطيه الصديد .والتجرع : تكلف الجرع وهو بلع الماء ، وفعله - كسمع ومنع - .ويسيغه : من السوغ وهو انحدار الشراب فى الحلق بسهولة وقبول . يقال : ساغ الشراب سوغا وسواغا ، إذا كان سهل المدخل .أى : يتكلف بلع هذا الصديد مرة بعد أخرى لمرارته وقبحه ، ولا يقارب أن يسيغه فضلاً عن الإِساغة . بل يغص به فيشربه بعد عناء ومشقة جرعة عقب جرعة .وقوله ( وَيَأْتِيهِ الموت مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) معطوف على قوله ( يتجرعه ) لبيان حالة أخرى من أحوال شقائه وعذابه .أى : وتأتيه الأسباب المؤدية للموت والهلاك من كل جهة من الجهات ، ومن كل موضع من مواضع بدنه ، وما هو بميت فيستريح من هذا الشقاء والعذاب ، ومن وراء كل ذلك عذاب غليظ أى : شاق شديد لا يقل فى ألمه عما هو فيه من نكال .وشبيه بهذه الجملة قوله - تعالى - ( والذين كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ) وقوله - تعالى - ( وَيَتَجَنَّبُهَا الأشقى . الذى يَصْلَى النار الكبرى . ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا ) وبذلك نرى الآيات الكريمة قد صورت لنا سوء عاقبة المكذبين للحق تصويراً مؤثراً ، تهتز له النفس ، وتوجل منه القلوب .