وَاسْتَفْتَحُوْا
وَخَابَ
كُلُّ
جَبَّارٍ
عَنِیْدٍ
۟ۙ
3

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: واستفتحت الرُّسل على قومها: أي استنصرت الله عليها (20) ( وخاب كل جبار عنيد ) ، يقول: هلك كل متكبر جائر حائدٍ عن الإقرار بتوحيد الله وإخلاص العبادة له.

* * *

و " العنيد " و " العاند " و " العَنُود " ، بمعنى واحد . (21)

* * *

ومن " الجبار " ، تقول: هو جَبَّار بَيِّنُ الجَبَريَّة ، والجَبْرِيَّة ، والجَبْرُوَّة ، والجَبَرُوت. (22)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

20612 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال ، حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء جميعًا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( واستفتحوا ) ، قال: الرسل كلها . يقول: استنصروا ( عنيد ) ، قال معاند للحق مجانبه. (23)

20613 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله.

20614 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، ح وحدثني الحارث قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله: ( واستفتحوا ) ، قال: الرسل كُلها استنصروا ( وخاب كل جبَّار عَنيد ) ، قال: معاند للحق مجانبه.

20615 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله وقال ابن جريج: استفتحوا على قومهم.

20616 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ... (24)

20617 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس: ( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ) ، قال: كانت الرسلُ والمؤمنون يستضعفهم قومُهم ، ويقهَرُونهم ويكذبونهم ، ويدعونهم إلى أن يعودوا في مِلّتهم ، فأبَى الله عز وجل لرسله وللمؤمنين أن يعودُوا في مِلّة الكفر ، وأمرَهُم أن يتوكلوا على الله ، وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة ، ووعدهم أن يُسْكنهم الأرض من بعدهم ، فأنجز الله لهم ما وعدهم ، واستفتحوا كما أمرهم أن يستفتحوا ، ( وخابَ كل جبار عنيد ) .

20618 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، في قوله: ( وخاب كل جبار عنيد ) ، قال: هو النَّاكب عن الحق . (25)

20619 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا مطرف ، عن بشر ، عن هشيم ، عن مغيرة ، عن سماك ، عن إبراهيم: ( وخاب كل جبار عنيد ) ، قال: الناكب عن الحق. (26)

20620 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: ( واستفتحوا ) ، يقول: استنصرت الرسل على قومها قوله: ( وخاب كل جبار عنيد ) ، و " الجبار العنيد " : الذي أبى أن يقول: لا إله إلا الله.

20621 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: ( واستفتحوا ) ، قال: استنصرت الرسل على قومها ( وخاب كل جبار عنيد ) ، يقول: عَنِيد عن الحق ، مُعْرِض عنه. (27)

20622 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله - وزاد فيه: مُعْرِض ، (28) أبى أن يقول: لا إله إلا الله.

20623 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله: ( وخاب كل جبار عنيد ) ، قال: " العنيد عن الحق " ، الذي يعنِدُ عن الطريق ، قال : والعرب تقول: " شرُّ الأهْل العَنِيد " (29) الذي يخرج عن الطريق.

20624 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله: ( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ) ، قال: " الجبّار ": المتجبّر. (30)

* * *

وكان ابن زيد يقول في معنى قوله: ( واستفتحوا ) ، خلاف قول هؤلاء ، ويقول: إنما استفتحت الأمم ، فأجيبت.

20625 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله: ( واستفتحوا ) ، قال: استفتاحهم بالبلاء ، قالوا: اللهم إن كان هذا الذي أتى به محمد هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء ، كما أمطرتها على قوم لوط ، أو ائتنا بعذاب أليم. (31) قال: كان استفتاحهم بالبلاء كما استفتح قوم هود: فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [سورة الأعراف : 70 ] قال: فالاستفتاح العذاب ، قال: قيل لهم: إنّ لهذا أجلا ! حين سألوا الله أن ينـزل عليهم ، فقال: " بلْ نُؤخِّرُهُمْ ليَوْم تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَار " . (32) فقالوا: لا نريد أن نؤخر إلى يوم القيامة: رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا عَذَابَنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ [سورة ص : 16 ] . وقرأ: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ حتى بلغ: وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [سورة العنكبوت : 53 - 55 ] .

-----------------------

الهوامش :

(20) انظر تفسير " الاستفتاح " فيما سلف 2 : 254 / 10 : 405 ، 406 ، ومجاز القرآن 1 : 337 .

(21) انظر تفسير " عنيد " فيما سلف 15 : 366 ، 367 ، ومجاز القرآن 1 : 337 .

(22) انظر تفسير " جبار " فيما سلف 10 ، 172/11 : 470 / 15 : 366 .

هذا ، وفي المطبوعة : " هو جبار بين الجبرية ، والجبروتية ، والجبروة ، والجبروت " زاد في اللغة ما لا نص عليه ، وهو " الجبروتية " ، ونقص واحدة من الخمس " الجبروة " . وكان في المخطوطة مكان " الجبرية " الثانية : " الجبر ننبه " ، غير منقوطة ، وأساء كتابتها .

(23) الأثر : 20612 - هذا الذي أثبته هو الذي جاء في المخطوطة ، وطابق ما خرجه السيوطي في الدر المنثور 4 : 73 ، عن مجاهد ، ونسبه لابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وكان في المطبوعة هنا .

" يقول : استنصروا على أَعدائهم ومعانديهم ، أَي على من عاند عن اتباع الحق وتجنَّبه " .

(24) الأثر : 20616 - هذا إسناد مقحم فيما أرجح ، وإنما هو صدر الإسناد رقم : 20612 اجتلبته يد الناسخ سهوًا إلى هذا المكان . والله أعلم .

(25) الأثر : 20618 - في هذا الخبر أيضًا زيادة لا أدري كيف جاءت ، فاقتصرت على ما في المخطوطة ، وهو مطابق لما خرجه السيوطي في الدر المنثور 4 : 73 ، عن إبراهيم النخعي ، ونسبه لابن جرير وحده ، والزيادة التي كانت المطبوعة هي :

" أي الحائد عن اتباع طريق الحق"

وانظر الخبر التالي ، بلا زيادة أيضًا .

(26) الأثر : 20619 - " مطرف بن بشر " ، لا أدري ما هو ، ولم أجد له ذكرًا في شيء مما بين يدي . وجاء ناشر المطبوعة فجعله " مطرف ، عن بشر " بلا دليل .

(27) في المطبوعة ، والدر المنثور 4 : 73 : " بعيد عن الحق " ، وأرى الصواب ما في المخطوطة ، انظر ما سلف في تفسير " عنيد " ص : .. 542 ، 543

(28) في المطبوعة : " معرض عنه " ، كأنه زادها من عنده .

(29) في المطبوعة : " شر الإبل " ، ولا أدري أهو صواب ، أم غيرها الناشر ، ولكني أثبت ما في المخطوطة ، فهو عندي أوثق .

(30) في المطبوعة : " هو المتجبر " ، زاد في الكلام .

(31) هذا من تأويل آية سورة الأنفال : 32 .

(32) هو انتزاع من آية سورة إبراهيم : 42 .