وَاسْتَفْتَحُوْا
وَخَابَ
كُلُّ
جَبَّارٍ
عَنِیْدٍ
۟ۙ
قوله تعالى : واستفتحوا وخاب كل جبار عنيدقوله تعالى : واستفتحوا أي واستنصروا ; أي أذن للرسل في الاستفتاح على قومهم ، والدعاء بهلاكهم ; قاله ابن عباس وغيره ، وقد مضى في " البقرة " . ومنه الحديث : إن [ ص: 305 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستفتح بصعاليك المهاجرين ، أي يستنصر . وقال ابن زيد : استفتحت الأمم بالدعاء كما قالت قريش : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية . وروي عن ابن عباس . وقيل قال الرسول : إنهم كذبوني فافتح بيني وبينهم فتحا وقالت الأمم : إن كان هؤلاء صادقين فعذبنا ، عن ابن عباس أيضا ; نظيره ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين ، ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين .وخاب كل جبار عنيد الجبار المتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقا ; هكذا هو عند أهل اللغة ; ذكره النحاس . والعنيد المعاند للحق والمجانب له ، عن ابن عباس وغيره ; يقال : عند عن قومه أي تباعد عنهم . وقيل : هو من العند ، وهو الناحية وعاند فلان أي أخذ في ناحية معرضا ; قال الشاعر :إذا نزلت فاجعلوني وسطا إني كبير لا أطيق العنداوقال الهروي : قوله تعالى : جبار عنيد أي جائر عن القصد ; وهو العنود والعنيد والعاند ; وفي حديث ابن عباس وسئل عن المستحاضة فقال : إنه عرق عاند . قال أبو عبيد : هو الذي عند وبغى كالإنسان يعاند ; فهذا العرق في كثرة ما يخرج منه بمنزلته . وقال شمر : العاند الذي لا يرقأ . وقال عمر يذكر سيرته : أضم العنود ; قال الليث : العنود من الإبل الذي لا يخالطها إنما هو في ناحية أبدا ; أراد من هم بالخلاف أو بمفارقة الجماعة عطفت به إليها . وقال مقاتل : العنيد المتكبر . وقال ابن كيسان : هو الشامخ بأنفه . وقيل : العنود والعنيد الذي يتكبر على الرسل ويذهب عن طريق الحق فلا يسلكها ; تقول العرب : شر الإبل العنود الذي يخرج عن الطريق . وقيل : العنيد العاصي . وقال قتادة : العنيد الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله . قلت : والجبار والعنيد في الآية بمعنى واحد ، وإن كان اللفظ مختلفا ، وكل متباعد عن الحق جبار وعنيد أي متكبر . وقيل : إن المراد به في الآية أبو جهل ; ذكره المهدوي . وحكى الماوردي في كتاب أدب الدنيا والدين أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك تفاءل يوما في المصحف فخرج له قوله - عز وجل - : واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد فمزق المصحف وأنشأ يقول : [ ص: 306 ]أتوعد كل جبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيدإذا ما جئت ربك يوم حشر فقل يا رب مزقني الوليدفلم يلبث إلا أياما حتى قتل شر قتلة ، وصلب رأسه على قصره ، ثم على سور بلده .