وَقَالَ
الَّذِیْنَ
كَفَرُوْا
لِرُسُلِهِمْ
لَنُخْرِجَنَّكُمْ
مِّنْ
اَرْضِنَاۤ
اَوْ
لَتَعُوْدُنَّ
فِیْ
مِلَّتِنَا ؕ
فَاَوْحٰۤی
اِلَیْهِمْ
رَبُّهُمْ
لَنُهْلِكَنَّ
الظّٰلِمِیْنَ
۟ۙ
3

قال أبو جعفر : يقول عزّ ذكره: وقال الذين كفروا بالله لرسلهم الذين أرسلوا إليهم ، حين دعوهم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له ، وفراق عبادة الآلهة والأوثان ( لنخرجنَّكم من أرضنا ) ، يعنون: من بلادنا فنطردكم عنها ( أو لتعودن في مِلّتنا ) ، يعنون: إلا أن تَعُودوا في دِيننا الذي نحن عليه من عبادة الأصنام. (9)

* * *

وأدخلت في قوله: ( لتعودُنَّ ) " لام " ، وهو في معنى شرطٍ ، كأنه جواب لليَمين ، وإنما معنى الكلام: لنخرجَنكم من أرضنا ، أو تعودون في ملتنا . (10)

* * *

ومعنى " أو " ههنا معنى " إلا " أو معنى " حتى " كما يقال في الكلام: " لأضربنك أوْ تُقِرَّ لي" ، فمن العرب من يجعل ما بعد " أو " في مثل هذا الموضع عطفًا على ما قبله ، إن كان ما قبله جزمًا جزموه ، وإن كان نصبًا نصبوه ، وإن كان فيه " لام " جعلوا فيه " لاما " ، (11) إذ كانت " أو " حرف نَسق. ومنهم من ينصب " ما " بعد " أو " بكل حالٍ ، ليُعْلَم بنصبه أنه عن الأول منقطع عما قبله ، كما قال امرؤ القيس:

بَكَـى صَـاحِبِي لَمَّـا رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ

وَأَيْقَــنَ أَنَّـــا لاحِقَــانِ بِقَيْصَـرَا

فَقُلْــتُ لَـهُ: لا تَبْــكِ عَيْنُـكَ إِنَّمَـا

نُحَــاوِلُ مُلْكًــا أَوْ نَمُـوتَ فَنُعْـذَرَا (12)

فنصب " نموت فنعذرا " وقد رفع " نحاول " ، لأنه أراد معنى: إلا أن نموتَ ،أو حتى نموتَ ، ومنه قول الآخر: (13)

لا أَسْــتَطِيعُ نزوعًـا عَـنْ مَوَدَّتِهَـا

أَوْ يَصْنَـعَ الْحُـبُّ بِي غَيْرَ الَّذِي صَنَعَا (14)

وقوله: ( فأوحَى إليهم ربُّهم لنُهلكنَّ الظالمين ) ، الذين ظلموا أنفسهم ، (15) فأوجبوا لها عقاب الله بكفرهم. وقد يجوز أن يكون قيل لهم: " الظالمون " لعبادتهم من لا تجوز عبادته من الأوثان والآلهة ، (16) فيكون بوضعهم العبادةَ في غير موضعها ، إذ كان ظلمًا ، سُمُّوا بذلك. (17)

------------------------

الهوامش :

(9) انظر تفسير " الملة " فيما سلف : 101 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك ، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 336 .

(10) في المطبوعة : " أو تعودن " ، والصواب من المخطوطة .

(11) في المطبوعة : " إن كان فيه لامًا " ، ، خطأ ، صوابه في المخطوطة .

(12) ديوانه : 65 من قصيدته الغالية التي قالها في مسيرة إلى قيصر مستنصرًا به بعد قتل أبيه . وصاحبه الذي ذكره ، هو عمرو بن قميئة اليشكري الذي استصحبه إلى قيصر ، و " الدرب " . ما بين طرسوس وبلاد الروم .

(13) هو الأحوص بن محمد الأنصاري ، وينسب أحيانًا للمجنون .

(14) الأغاني 4 : 299 ، وديوان المجنون : 200 ، وخرج أبيات الأحوص ، ولدنا الأستاذ عادل سليمان ، فيما جمعه من شعر لأحوص ، ولم يطبع بعد .

(15) انظر تفسير : " أوحى " فيما سلف 6 : 405/9 : 399 / 11 : 217 ، 290 ، 371 ، 533 .

(16) انظر تفسير " الظلم " فيما سلف 1 : 523 ، 524 / 2 : 369 ، 519 / 4 : 584 / 5 : 384 ، وغيرها في فهارس اللغة .

(17) في المطبوعة كتب : " سموا بذلك ظالمين " ، زاد ما لا محصل له ، إذ لم يألف عبارة أبي جعفر ، فأظلمت عليه .