وَیَقُوْلُ
الَّذِیْنَ
كَفَرُوْا
لَوْلَاۤ
اُنْزِلَ
عَلَیْهِ
اٰیَةٌ
مِّنْ
رَّبِّهٖ ؕ
اِنَّمَاۤ
اَنْتَ
مُنْذِرٌ
وَّلِكُلِّ
قَوْمٍ
هَادٍ
۟۠
3
ثم حكى - سبحانه - لوناً آخر من رذائلهم ، وهو عدم اعتدادهم بالقرآن الكريم ، الذى هو أعظم الآيات والمعجزات فقال - تعالى - : ( وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ . . . )و ( لولا ) هنا حرف تحضيض بمعنى هلا .ومرادهم بالآية : معجزة كونية كالتى جاء بها موسى من إلقائه العصى فإذا هى حية تسعى ، أو كالتى جاء بها عيسى من إبرائه الأكمه والأبرص وإحيائه الموتى بإذن الله ، أو كما يقترحون هم من جعل جبل الصفا ذهباً . . .لأن القرآن - فى زعمهم - ليس كافياً لكونه معجزة دالة على صدقه - صلى الله عليه وسلم - .أى : ويقول هؤلاء الكافرون الذين عموا وصموا على الحق واستعجلوا العذاب . هلا أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - آية أخرى غير القرآن الكريم تدل على صدقه .ولقد حكى القرآن مطالبهم المتعنتة فى آيات كثيرة ، منها قوله - تعالى - : ( وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً . أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأنهار خِلالَهَا تَفْجِيراً . . . ) وقد رد الله - تعالى - عليهم ببيان وظيفة النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال ( إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ . . . ) .أى : أن وظيفتك - أيها الرسول الكريم - هى إنذار هؤلاء الجاحدين بسوء المصير ، إذا ما لجوا فى طغيانهم ، وأصروا على كفرهم وعنادهم وليس من وظيفتك الإِتيان بالخوارق التى طلبوها منك .وإنما قصر - سبحانه - هنا وظيفة النبى - صلى الله عليه وسلم - على الإِنذار ، لأنه هو المناسب لأحوال المشركين الذين أنكروا كون القرآن معجزة .وقوله ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) أى : ولكل قوم نبى يهديهم إلى الحق والرشاد بالوسلة التى يراها مناسبة لأحوالهم ، وأنا - أيها الرسول الكريم - قد جئتهم بهذا القرآن الكريم الهادى للتى هى أقوم . والذى هو خير وسيلة لإِرشاد الناس إلى ما يسعدهم فى دينهم ودنياهم وآخرتهم .قال الشيخ القاسمى : " أو المعنى : ولكل قوم هاد عظيم الشأن ، قادر على هدايتهم . هو الله - تعالى - فما عليك إلا إنذارهم لا هدايتهم كما قال - تعالى - ( لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ . . . ) أو المعنى : ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) أى : قائد يهديهم إلى الرشد ، وهو الكتاب المنزل عليهم ، الداعى بعنوان الهداية إلى ما فيه صلاحهم .يعنى : أن سر الإِرسال وآيته الفريدة إنما هو الدعاء إلى الهدى ، وتبصير سبله ، والإِنذار من الاسترسال فى مساقط الردى . وقد أنزل عليك من الهدى أحسنه ، فكفى بهدايته آية كبرى وخارقة عظمى . وأما الآيات المقترحة فأمرها إلى الله وحده . . .