وَلَمَّا
فَصَلَتِ
الْعِیْرُ
قَالَ
اَبُوْهُمْ
اِنِّیْ
لَاَجِدُ
رِیْحَ
یُوْسُفَ
لَوْلَاۤ
اَنْ
تُفَنِّدُوْنِ
۟
3
قوله تعالى : ولما فصلت العير أي خرجت منطلقة من مصر إلى الشام ، يقال : فصل فصولا ، وفصلته فصلا ، فهو لازم ومتعد .قال أبوهم أي قال لمن حضر من قرابته ممن لم يخرج إلى مصر وهم ولد ولدهإني لأجد ريح يوسف وقد يحتمل أن يكون خرج بعض بنيه ، فقال لمن بقي : إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون . قال ابن عباس : هاجت ريح فحملت ريح قميص يوسف إليه ، وبينهما مسيرة ثمان ليال . وقال الحسن : مسيرة عشر ليال ; وعنه أيضا مسيرة شهر . وقال مالك بن أنس - رضي الله عنه - : إنما أوصل ريحه من أوصل عرش بلقيس قبل أن يرتد إلى سليمان - عليه السلام - طرفه . وقال مجاهد : هبت ريح فصفقت القميص فراحت روائح الجنة في الدنيا واتصلت بيعقوب ، فوجد ريح الجنة فعلم أنه ليس في الدنيا من ريح الجنة إلا ما كان من ذلك القميص ، فعند ذلك قال : " إني لأجد " أي أشم ; فهو [ ص: 227 ] وجود بحاسة الشم .لولا أن تفندون قال ابن عباس ومجاهد : لولا أن تسفهون ; ومنه قول النابغة :إلا سليمان إذ قال المليك له قم في البرية فاحددها عن الفندأي عن السفه . وقال سعيد بن جبير والضحاك : لولا أن تكذبون . والفند الكذب . وقد أفند إفنادا كذب ; ومنه قول الشاعر :هل في افتخار الكريم من أود أم هل لقول الصدوق من فندأي من كذب . وقيل لولا أن تقبحون ، قاله أبو عمرو ، والتفنيد التقبيح ، قال الشاعريا صاحبي دعا لومي وتفنيدي فليس ما فات من أمري بمردودوقال ابن الأعرابي : لولا أن تفندون لولا أن تضعفوا رأيي ; وقاله ابن إسحاق . والفند ضعف الرأي من كبر . وقول رابع : تضللون ، قاله أبو عبيدة . وقال الأخفش : تلوموني ; والتفنيد اللوم وتضعيف الرأي . وقال الحسن وقتادة ومجاهد أيضا : تهرمون ; وكله متقارب المعنى ، وهو راجع إلى التعجيز وتضعيف الرأي ; يقال : فنده تفنيدا إذا أعجزه ، كما قال :أهلكني باللوم والتفنيدويقال : أفند إذا تكلم بالخطأ ; والفند الخطأ في الكلام والرأي ، كما قال النابغة :فاحددها عن الفندأي امنعها عن الفساد في العقل ، ومن ذلك قيل : اللوم تفنيد ; قال الشاعر :يا عاذلي دعا الملام وأقصرا طال الهوى وأطلتما التفنيداويقال : أفند فلانا الدهر إذا أفسده ; ومنه قول ابن مقبل :دع الدهر يفعل ما أراد فإنه إذا كلف الإفناد بالناس أفندا